فكر وآراء

انتفاضة 23 مارس: الخلفيات والوقائع

◆ رزين يوسف

في‭ ‬الأسبوع‭ ‬القادم‭ ‬تحل‭ ‬الذكرى‭ ‬الرابعة‭ ‬والخمسين‭ ‬لانتفاضة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وقد‭ ‬اطلعت‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مقالات‭ ‬في‭ ‬المواقع‭ ‬الالكترونية‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الجرائد‭ ‬والكتب،‭ ‬واستعنت‭ ‬ببعض‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬اطلعت‭ ‬عليه؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬كانت‭ ‬الصورة‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬وتدقيق،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬منشور‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬يوسف‭ ‬بلعباس‭ ‬الذي‭ ‬أشعل‭ ‬النيران‭ ‬لم‭ ‬ينشر‭ ‬رسميا‭ ( ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬لوبنيون‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬1965‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬تضاربت‭ ‬حوله‭ ‬الآراء،‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬من‭ ‬عايش‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بتفاصيلها،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الاضراب‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الإقليمية‭ ‬لوداديات‭ ‬التلاميذ‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭.‬

كان‭ ‬لتوقيع‭ ‬معاهدة‭ ‬الحماية‭ ‬سنة‭ ‬1912‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬وطني‭ ‬واجه‭ ‬المغاربة‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬المستعمر‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أتيح‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬عمليات‭ ‬مسلحة‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬مظاهرات‭ ‬سلمية،‭ ‬والتي‭ ‬استمرت‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاستقلال‭ ‬سنة‭ ‬1956‭.‬

لكن‭ ‬وبعد‭ ‬جلاء‭ ‬المستعمر‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬اتضح‭ ‬ان‭ ‬الاستقلال‭ ‬المحصل‭ ‬عليه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تاما‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدشن‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التبعية‭ ‬لفرنسا‭. ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬واجهته‭ ‬الأحزاب‭ ‬الوطنية‭ ‬بالرفض،‭ ‬وخاصة‭ ‬حزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية‭ ‬الذي‭ ‬نادى‭ ‬بضرورة‭ ‬تطهير‭ ‬الإدارة‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬عملاء‭ ‬الحماية‭. ‬بعد‭ ‬اعتقالات‭ ‬1963‭ ‬تم‭ ‬حظر‭ ‬النشاط‭ ‬العلني‭ ‬للحزب،‭ ‬لكن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬منظماته‭ ‬الموازية‭ ‬كانت‭ ‬تشتغل،‭ ‬وخاصة‭ ‬الشبيبة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬حضور‭ ‬هام‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬وداديات‭ ‬التلاميذ،‭ ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬محظورة‭ ‬بظهير‭ ‬21‭ ‬يونيو‭ ‬1963‭ ‬حيث‭ ‬منع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬لطلبة‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬تلاميذ‭ ‬الثانويات،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬ظلوا‭ ‬متشبثين‭ ‬بالوداديات،‭ ‬وكانت‭ ‬الاجتماعات‭ ‬تتم‭ ‬بصفة‭ ‬سرية،‭ ‬وهيأت‭ ‬قيام‭ ‬انتفاضة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬بدت‭ ‬في‭ ‬ملامحها‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬وزاري،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬عمقها‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬السخط‭ ‬المعتمل‭ ‬داخل‭ ‬الأوساط‭ ‬الشعبية‭.‬

‭ ‬العوامل‭ ‬التاريخية‭ :‬

1‭) ‬العامل‭ ‬الديموغرافي‭ :‬

بعد‭ ‬دخول‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬استولى‭ ‬المستوطنون‭ ‬الفرنسيون‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬القبائل‭ ‬و‭ ‬تحول‭ ‬القرويون‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬عمال‭ ‬فيها‭. ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬كان‭ ‬الأمل‭ ‬معقودا‭ ‬لدى‭ ‬هؤلاء‭ ‬القرويين‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬أراضيهم،‭ ‬لكن‭ ‬حدث‭ ‬العكس‭ ‬حيث‭ ‬استولت‭ ‬عليها‭ ‬الطبقة‭ ‬الحاكمة،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ % ‬5‭ ‬من‭ ‬الملاك‭ ‬استولوا‭ ‬على‭ % ‬60‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الأكثر‭ ‬خصبا‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬القرويين‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يضطرون‭  ‬للهجرة‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬وخاصة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬والتكدس‭ ‬في‭ ‬أحياء‭ ‬الصفيح،‭ ‬فارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬سكان‭ ‬الحواضر‭ ‬من‭ % ‬5‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ %‬30‭ ‬سنة‭ ‬1965،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬الأوضاع‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الديموغرافي‭ ‬مهيأة‭ ‬للانفجار‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭.‬

2‭) ‬العامل‭ ‬الاجتماعي‭ :‬

دفعت‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العسيرة‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬الأسر‭ ‬المغربية‭ ‬كل‭ ‬جهدها‭ ‬لتعليم‭ ‬أبنائها‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬المدارس‭ ‬العمومية‭ ‬والمدارس‭ ‬الحرة‭ ‬العصرية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬تعليمية‭ ‬أملا‭ ‬في‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬اجتماعية‭ ‬أعلى‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجهودات‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدولة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬كافية،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الملتحقين‭ ‬بالتعليم‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬تلميذ،‭ ‬مما‭ ‬ولد‭ ‬ضغطا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬المدارس‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬كالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬سنة‭ ‬1965م‭ ‬965‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬شق‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المخطط‭ ‬الخماسي‭ ‬لحكومة‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬إبراهيم‭ ‬كان‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إجبارية‭ ‬التعليم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬عملت‭ ‬بعد‭ ‬الإقالة‭ ‬على‭ ‬إجهاض‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬المخطط،‭ ‬لكن‭ ‬الوداديات‭ ‬مع‭ ‬المنظمة‭ ‬الطلابية‭  ‬من‭ ‬1960‭ ‬حتى‭ ‬1964‭ ‬أرغمت‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬بالاجبارية‭ ‬في‭ ‬1963‭.‬

‭ ‬

العامل‭ ‬الاقتصادي‭ : ‬

 

عملت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬إفشال‭ ‬الخطة‭ ‬الخمسية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬سنة‭ ‬1960،‭ ‬مما‭ ‬ادخل‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬صاحبه‭ ‬فساد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬وأصحاب‭ ‬النفوذ،‭ ‬وجعله‭ ‬طاردا‭ ‬للاستثمارات‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬نفقات‭ ‬حرب‭ ‬الرمال‭ ‬التي‭ ‬كبدت‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭ ‬حوالي‭ ‬3‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬وتراجع‭ ‬مخزون‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬بسبب‭ ‬إغلاق‭ ‬المنطقة‭ ‬الحرة‭ ‬بطنجة،‭ ‬والتي‭ ‬سحب‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬175‭ ‬مليار‭ ‬فرنك‭ ‬فرنسي‭ . ‬

هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مجتمعة‭ ‬جعلت‭ ‬مديونية‭ ‬المغرب‭ ‬تقفز‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬مليار‭ ‬فرنك‭ ‬سنة‭ ‬1960‭ ‬إلى‭ ‬165‭ ‬مليار‭ ‬فرنك‭ ‬سنة‭ ‬1964،‭ ‬وارتفعت‭ ‬الأسعار‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1959‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬1965‭ ‬بنسبة‭ % ‬50‭. ‬وأمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الصعب‭ ‬وجدت‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬التوظيف،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ميزانية‭ ‬1965‭ ‬ابتلعت‭ ‬نصف‭ ‬الدخل‭ ‬الوطني‭ ‬لصالح‭ ‬تسيير‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة،‭ ‬وعليه‭ ‬فقد‭ ‬قررت‭ ‬السلطات‭ ‬تعطيل‭ ‬الآلة‭ ‬المدرسية‭ ‬باعتبارها‭ ‬الرافد‭ ‬الأساسي‭ ‬لطلبات‭ ‬التوظيف‭.‬

العامل‭ ‬السياسي‭ :‬

في‭ ‬بداية‭ ‬الستينات‭ ‬كان‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أشده‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬الوطنية،‭ ‬وخاصة‭ ‬حزب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية‭ ‬الذي‭ ‬تلقى‭ ‬ضربات‭ ‬كثيرة‭ ‬وحملات‭ ‬قمعية‭ ‬أشدها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬يوليوز‭ ‬1963،‭ ‬حيث‭ ‬اقتحمت‭ ‬أجهزة‭ ‬البوليس‭ ‬مقر‭ ‬الحزب‭ ‬المركزي‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬واعتقلت‭ ‬أعضاءه‭ ‬المجتمعين‭ ‬وشنت‭ ‬حملة‭ ‬اعتقالات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأقاليم،‭ ‬وكانت‭ ‬الحصيلة‭ ‬اعتقال‭ ‬حوالي‭ ‬5000‭ ‬عضو‭ ‬وعضوة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬بداية‭ ‬سنة‭ ‬1965‭ ‬عرفت‭ ‬هجوما‭ ‬على‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬وعلى‭ ‬الصحافة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬ناسيون‭ ‬أفريكان‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬فبراير،‭ ‬وفي‭ ‬الغد‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬الاستقلال‭ ‬وهما‭ ‬معا‭ ‬ناطقتان‭ ‬باسم‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال،‭ ‬وفي‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬المكافح‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يديرها‭ ‬علي‭ ‬يعته‭. ‬لكن‭ ‬المنظمة‭ ‬الطلابية‭ ‬والوداديات‭ ‬تعزز‭ ‬موقفهما‭ ‬بصدور‮»‬‭ ‬الطالب‮»‬‭ ‬لسان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬لطلبة‭ ‬المغرب‭. ‬وبادر‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬بإصدار‭ ‬لوبنيون‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مارس‭. ‬وذلك‭ ‬إثر‭ ‬النقاشات‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬سنة‭ ‬1964‭ ‬ويناير‭ ‬1965‭ ‬حول‭ ‬الميزانية‭ ‬التي‭ ‬عرى‭ ‬فيها‭ ‬البرلمانيون‭ ‬الاتحاديون‭ ‬بالخصوص‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬للبلاد‭. ‬

كرونولوجيا‭ ‬الأحداث‭ : ‬

في‭ ‬مراجعتنا‭ ‬لمن‭ ‬عايش‭ ‬عمق‭ ‬الأحداث‭ ‬وساير‭ ‬تطورها‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ :‬

‭-  ‬الوداديات‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬كانت‭ ‬قوية‭ ‬ولم‭ ‬يؤثر‭ ‬عليها‭ ‬المنع،‭ ‬إذ‭ ‬لها‭ ‬لجنة‭ ‬تنسيق‭ ‬من‭ ‬أغلب‭ ‬ثانويات‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬تضم‭ ‬15‭ ‬عضوا‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬مجلس‭ ‬للتلاميذ‭ ‬يضم‭ ‬إثنين‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ثانوية‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬40‭ ‬عضوا،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬ثانوية‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مجلس‭ ‬يضم‭ ‬عضوا‭ ‬واحد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬قسم‭ ‬يسمى‭ ‬عريف،‭ ‬ومجلس‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينتدب‭ ‬من‭ ‬يحضر‭ ‬مؤتمر‭ ‬المنظمة‭ ‬الطلابية‭ ‬بصفة‭ ‬ملاحظين‭.‬

‭- ‬في‭ ‬19‭ ‬فبراير‭ ‬علق‭ ‬مديرو‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬منشور‭ ‬الوزارة‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬تاريخ‭ ‬9‭ ‬فبراير‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬علقه‭ ‬في‭ ‬السبورة‭ ‬الثانوية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يديرها‭ ‬أنذاك‭ ‬المفكر‭ ‬عابد‭ ‬الجابري‭ ‬وتبعه‭ ‬الضمضومي‭ ‬مدير‭ ‬ثانوية‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الحلو‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬جميع‭ ‬الثانويات‭.‬

‭ ‬

‭-  ‬لعب‭ ‬أساتذة‭ ‬الثانويات‭ ‬وكذا‭ ‬المديرون‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬شرح‭ ‬المنشور‭ ‬للوداديات‭ ‬وعموم‭ ‬التلاميذ،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاء‭ ‬غضب‭ ‬الملك‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬بأن‭ ‬هاجم‭ ‬الأساتذة‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بعد‭ ‬الأحداث‭ ‬وسماهم‭ ‬أشباه‭ ‬المثقفين‭.‬

‭- ‬تعددت‭ ‬اجتماعات‭ ‬اللجنة‭ ‬منذ‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬وكانت‭ ‬تتم‭ ‬بحديقة‭ ‬الأرميطاج‭ ‬خلف‭ ‬ثانوية‭ ‬الأزهر‭.‬

‭- ‬في‭ ‬25‭ ‬فبراير‭ ‬تكلف‭ ‬8‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬بالاتصال‭ ‬بالاتحاد‭ ‬المغربي‭ ‬للشغل‭ ‬لإقناعه‭ ‬بطبع‭ ‬منشور‭ ‬للوداديات،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سمعت‭ ‬اللجنة‭ ‬بأنه‭ ‬ندد‭ ‬بالمنشور‭ ‬في‭ ‬اجتماعاته،‭  ‬وقد‭ ‬قبلت‭ ‬النقابة‭ ‬طبع‭ ‬مليون‭ ‬و500‭ ‬ألف‭ ‬منشور‭.‬

‭ ‬

‭-  ‬في‭ ‬6‭ ‬مارس‭ ‬تسلمت‭ ‬اللجنة‭ ‬المنشور‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬توزيعه‭  ‬من‭ ‬7‭ ‬مارس‭ ‬حتى‭ ‬تاريخ‭ ‬21‭ ‬مارس‭ ‬بواسطة‭ ‬مجلس‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬للوداديات‭ ‬ومجالس‭ ‬الثانويات‭ .‬

‭- ‬كان‭ ‬المنشور‭ ‬يحث‭ ‬على‭ ‬التظاهر‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬مارس‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬الوزير‭ ‬وعلى‭ ‬إسقاطه‭.‬

 

‭- ‬مر‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬مارس‭ ‬بشكل‭ ‬عادي،‭ ‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬قيل،‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬أي‭ ‬أحداث‭ ‬أو‭ ‬اعتقالات‭ ‬وكانت‭ ‬الاستجابة‭ ‬قوية‭ ‬وواسعة‭ ‬وكانت‭ ‬المظاهرات‭ ‬سلمية‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬العادة‭ ‬ومرت‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬جد‭ ‬إيجابية‭.‬

‭- ‬في‭ ‬صباح‭ ‬23‭ ‬مارس‭ ‬سجل‭ ‬التحاق‭ ‬الاتحاد‭ ‬المغربي‭ ‬للشغل‭ ‬والاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للشغالين‭ ‬بالتظاهر،‭ ‬وفي‭ ‬زوال‭ ‬نفس‭ ‬اليوم،‭ ‬أعطيت‭ ‬الأوامر‭ ‬بالتدخل،‭ ‬وبشكل‭ ‬همجي‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬طائرة‭ ‬هيلوكوبتر‭ ‬عسكرية‭ ‬ببابها‭ ‬عسكريان‭ ‬إتنان‭ ‬يصوبان‭ ‬سلاحيهما‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي،‭ ‬يقال‭ ‬أن‭ ‬أوفقير‭ ‬كان‭ ‬أحدهما،‭ ‬وقد‭ ‬ظهر‭ ‬المشاة‭ ‬والسيارات‭ ‬العسكرية‭ ‬بعد‭ ‬الطائرة‭ ‬بحوالي‭ ‬ساعة،‭ ‬وكان‭ ‬الرصاص‭ ‬يلعلع‭ ‬طوال‭ ‬ذلك‭ ‬المساء‭ ‬وحتى‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬حصل‭ ‬القتل‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬والغد‭ ‬وقعت‭ ‬الاعتقالات‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬الافراج‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬المعتقلين‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام،‭ .‬

منشورالوزارة‭ ‬حرفيا‭ :‬

‮«‬‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬ألا‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬السنة‭ ‬الرابعة‭ ‬من‭ ‬الثانوي‭ ‬سوى‭ ‬التلاميذ‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الشعب‭ ‬المتخصصة‭ ‬من‭ ‬السلك‭ ‬الثاني،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬السنة‭ ‬الرابعة‭ ‬من‭ ‬الثانوي‭ ‬التلاميذ‭ ‬المزدادون‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬وتبلغ‭ ‬أعمارهم‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬لولوج‭ ‬السلك‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الثانوي‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬الباكالوريا‭‬‮«‬‭.‬

منشور‭ ‬اللجنة‭ ‬الإقليمية‭ ‬للوداديات‭ :‬

كان‭ ‬المنشور‭ ‬يستهدف‭ ‬بالأساس‭ ‬تلاميذ‭ ‬المدارس‭ ‬الحرة‭ ‬العصرية‭ ‬لكونها‭ ‬تسجل‭ ‬التلاميذ‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬لهم‭ ‬العائلات‭ ‬مقاعد‭ ‬دراسية‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬العمومية‭ ‬الرسمية،‭ ‬لأن‭ ‬السن‭ ‬المقبول‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬7‭ ‬سنوات،‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬سن‭ ‬التلميذ‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬الثالثة‭ ‬ثانوي‭ ‬15‭ ‬سنة،‭ ‬والبعض‭ ‬منهم‭ ‬سيتضرر‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬أمتحان‭ ‬البروفي،‭ ‬أما‭ ‬تلاميذ‭ ‬التعليم‭ ‬الحر‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬يبلغ‭ ‬عمره‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬و21‭ ‬سنة‭ ‬لأن‭ ‬الإجبارية‭ ‬غير‭ ‬مطبقة‭ ‬ولأن‭ ‬المدارس‭ ‬العمومية‭ ‬تلفظ‭ ‬الأطفال،‭ ‬ونظرا‭ ‬لكون‭ ‬منشور‭ ‬الوزارة‭ ‬يخفي‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬المترتبة‭ ‬عن‭ ‬تطبيقه،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬المنشور‭ ‬الموجه‭ ‬للعائلات‭ ‬واضحا‭ ‬ومباشرا‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬مضمونه‭ :‬

إن‭ ‬أبناء‭ ‬الطبقات‭ ‬الشعبية‭ ‬سيطردون‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التالية‭ :‬

لا‭ ‬يكرر‭ ‬التلميذ‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الثالثة‭ ‬ثانوي‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬شهادة‭ ‬البروفي‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬

يطرد‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الثانية‭ ‬ثانوي‭ ‬من‭ ‬بلغ‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬أوأكثر‭.‬

يطرد‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الأولى‭ ‬ثانوي‭ ‬من‭ ‬بلغ‭ ‬14‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬

يطرد‭ ‬من‭ ‬قسم‭ ‬الشهادة‭ ‬الابتدائية‭ ‬من‭ ‬بلغ‭ ‬13‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬

ونزل‭ ‬المنشور‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬حتى‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬يقبل‭ ‬فيها‭ ‬التسجيل‭ ‬بأن‭ ‬سجل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬البالغ‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭. ‬

في‭ ‬الأخير‭ ‬تمت‭ ‬الدعوة‭ ‬في‭ ‬المنشور‭ ‬للتظاهر‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬مارس‭ ‬صباحا‭ ‬لإسقاط‭ ‬القرار،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬السراغنة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬شارع‭ ‬الفداء‭ ‬ثم‭ ‬شارع‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬الحالي‭ ‬إلى‭ ‬نيابة‭ ‬التعليم‭ ‬بشارع‭ ‬الزرقطوني‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى