الملف

معركة أطر الإدارة التربوية – اللاعودة حتى تحقيق المطالب

◆ حسن الكداني - عضو السكرتارية الجهوية للإدارة التربوية بجهة الشرق (ك.د.ش)

مما‭ ‬يثير‭ ‬انتباه‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬ومعه‭ ‬الشغيلة‭ ‬التعليمية‭ ‬وهم‭ ‬يتابعون‭ ‬الأسئلة‭ ‬الشفهية‭ ‬بالبرلمان‭ ‬ليوم‭ ‬الاثنين‭ ‬19‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية‭ ‬والتكوين‭ ‬المهني‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬–‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة،‭ ‬بدأ‭ ‬جوابه‭ “‬بالتوجه‭ ‬إلى‭ ‬كافة‭ ‬الأطر‭ ‬التربوية‭ ‬والإدارية‭ ‬بأسمى‭ ‬عبارات‭ ‬التنويه‭ ‬والإشادة‭ ‬بمجهوداتهم‭ ‬المتواصلة‭ ‬لإنجاح‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭ ‬الحالي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظرفية‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬منها‭ ‬بلادنا‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬باقي‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وتواجه‭ ‬منظومتنا‭ ‬التربوية‭ ‬تداعياتها‭”. ‬انتهى‭ ‬كلام‭ ‬السيد‭ ‬الوزير‭ ‬المتضمن‭ ‬لاعتراف‭ ‬بالمجهودات‭ ‬المتواصلة‭ ‬لنساء‭ ‬ورجال‭ ‬التعليم‭ ‬مع‭ ‬توجيه‭ ‬عبارات‭ ‬التنويه‭ ‬والإشادة‭ ‬لهم‭(‬هن‭)‬،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬تناسى‭ ‬إحجامه‭ ‬عن‭ ‬الجلوس‭ ‬إلى‭ ‬مائدة‭ ‬الحوار‭ ‬لحل‭ ‬مشاكلهم‭(‬هن‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬احتقان‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬له،‭ ‬ظهرت‭ ‬تجلياته‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احتجاجات‭ ‬واعتصامات‭ ‬واضرابات‭ ‬معظم‭ ‬الفئات،‭ ‬وما‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قمع‭ ‬وضرب‭ ‬واعتقال‭…‬

وتبقى‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬منذ‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬2021‭ ‬بدون‭ ‬ربابنة،‭ ‬لأن‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬قرروا‭ ‬استئناف‭ ‬معاركهم‭ ‬النضالية‭ ‬التي‭ ‬بدأوها‭ ‬منذ‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬فبعد‭ ‬طي‭ ‬ملف‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬باتفاق‭ ‬بين‭ ‬الوزارة‭ ‬والنقابات‭ ‬سنة‭ ‬2019،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الوزير‭ ‬لم‭ ‬يفصح‭ ‬بعد‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬عدم‭ ‬إصدار‭ ‬المرسومين‭ ‬التعديليين‭ ‬المترتبين‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق‭. ‬وظل‭ ‬يوزع‭ ‬الوعود‭ ‬بقرب‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬المرسومين،‭ ‬تارة‭ ‬أمام‭ ‬البرلمانيين،‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬أمام‭ ‬ممثلي‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭. ‬وحين‭ ‬يدنو‭ ‬موعد‭ ‬الوعد‭ ‬يتحول‭ ‬المرسومان‭ ‬إلى‭ ‬سراب،‭ ‬ويخيب‭ ‬ظن‭ ‬نساء‭ ‬ورجال‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتلقون‭ ‬فيها‭ ‬وعودا،‭ ‬وكأن‭ ‬المرسومين‭ ‬صخرة‭ ‬سيزيف‭ ‬في‭ ‬الأسطورة‭ ‬اليونانية؛‭ ‬فكلما‭ ‬قام‭ ‬بإيصالها‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الجبل‭ ‬تسقط‭ ‬منه‭ ‬ليعيد‭ ‬الكرة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭…‬

وها‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬الوزير‭ ‬يصرح‭ ‬أثناء‭ ‬جوابه‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ (‬19‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭) ‬بأن‭ “‬ملف‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أعطى‭ ‬فيه‭ ‬وعدا‭ ‬بالطي‭ ‬النهائي‭ ‬له،‭ ‬قد‭ ‬أعدت‭ ‬له‭ ‬الوزارة‭ ‬مشروعي‭ ‬مرسومين‭ ‬يتعلقان‭ ‬بإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬تكوين‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية،‭ ‬وتمت‭ ‬إحالتهما‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬وإصلاح‭ ‬الإدارة،‭ ‬وتوصلت‭ ‬الوزارة‭ ‬بجواب‭ ‬يتضمن‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬دراستها،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬التسوية‭ ‬النهائية‭ ‬لهذا‭ ‬الملف‭”. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬أجلا‭ ‬زمنيا‭ ‬لإصدار‭ ‬المرسومين‭ ‬تجنبا‭ ‬لكل‭ ‬إحراج،‭ ‬خاصة‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لوزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬أن‭ ‬صرح‭ ‬سابقا‭ ‬بأن‭ ‬وزارته‭ ‬ليست‭ ‬ثلاجة‭ ‬لتخزين‭ ‬المراسيم،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬توصله‭ ‬بالمرسومين‭.‬

ولما‭ ‬نفذ‭ ‬صبر‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية،‭ ‬قررت‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التنسيق‭ ‬الجمعوي‭ ‬الثلاثي‭ ‬وبدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬جميع‭ ‬النقابات،‭ ‬أن‭ ‬تخوض‭ ‬معركة‭ “‬اللاعودة‭ ‬حتى‭ ‬تحقيق‭ ‬المطالب‭”‬؛‭ ‬بمقاطعة‭ ‬المهام‭ ‬الإدارية‭ ‬والتربوية،‭ ‬وباعتصامات‭ ‬أمام‭ ‬المديريات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والأكاديميات‭ ‬الجهوية‭ ‬للتربية‭ ‬والتكوين‭ ‬خلال‭ ‬الشطر‭ ‬الأول‭ (‬مارس‭ ‬2021‭) ‬زيادة‭ ‬على‭ ‬تجميد‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬جمعيات‭ ‬المؤسسات‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الشطر‭ ‬الثاني‭ (‬أبريل‭ ‬2021‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬ستكون‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الشطر‭ ‬الثاني‭ (‬ماي‭ + ‬يونيو‭ ‬2021‭) ‬أكثر‭ ‬تصعيدا‭ ‬بمقاطعة‭ ‬الامتحانات‭ ‬وعدم‭ ‬تهييئ‭ ‬الدخول‭ ‬التربوي‭ (‬2021-2022‭)‬،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬لمباشرة‭ ‬العمليات‭ ‬الإدارية‭ ‬والتربوية‭ ‬مشروطة‭ ‬بظهور‭ ‬المرسومين‭.‬

وأمام‭ ‬نهج‭ ‬سياسة‭ ‬الآذان‭ ‬الصماء‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وعدم‭ ‬تجاوبها‭ ‬مع‭ ‬نضالات‭ ‬هيئة‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬لتحقيق‭ ‬المطالب‭ ‬المشروعة‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬المرسومين‭ ‬مع‭ ‬استفادة‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬مسلكا‭ ‬وإسنادا‭ ‬بالإطار‭ ‬الجديد‭: “‬متصرف‭ ‬تربوي‭”‬،‭ ‬دعت‭ ‬مختلف‭ ‬النقابات‭ ‬إلى‭ ‬خوض‭ ‬إضراب‭ ‬وطني‭ ‬يومي‭ ‬22‭ ‬و‭ ‬30‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البرامج‭ ‬النضالية‭ ‬المسطرة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬التنسيق‭ ‬الثلاثي‭ ‬لجمعيات‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭. ‬وذلك‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لسياسة‭ ‬الإلهاء‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬السيد‭ ‬الوزير‭ ‬نهجها‭ ‬اتجاه‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬ربحا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬إعلان‭ ‬الوزير‭ ‬استئناف‭ ‬الحوار‭ ‬القطاعي‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬ابريل‭ ‬2021،‭ ‬فنتمنى‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلهاء،‭ ‬بل‭ ‬لتوضيح‭ ‬مآل‭ ‬ملف‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية،‭ ‬وكفى‭ ‬من‭ ‬ترديد‭ ‬الجملة‭ ‬التي‭ ‬حفظها‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب‭: (‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬ملاحظات‭ ‬على‭ ‬المرسومين‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمالية،‭ ‬تمت‭ ‬دراستها،‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬التسوية‭ ‬النهائية‭ ‬لهذا‭ ‬الملف‭). ‬فكفى‭ ‬من‭ ‬التراجعات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬المدرسة‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاحتقان؛‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬عن‭ ‬غلق‭ ‬أبواب‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬خلال‭ ‬الأربعة‭ ‬اشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭: ‬2019‭-‬2020‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة،‭ ‬نعيشه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭: ‬2020‭-‬2021‭ ‬بسبب‭ ‬تعنت‭ ‬الوزارة‭ ‬وتوقيف‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬النقابات‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭.‬

فعلا،‭ ‬أسلوب‭ ‬المقاطعة‭ ‬الذي‭ ‬نهجته‭ ‬أطر‭ ‬الإدارة‭ ‬التربوية‭ ‬ساهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬شل‭ ‬الحياة‭ ‬المدرسية،‭ ‬كما‭ ‬قطع‭ ‬أحبال‭ ‬الوصال‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الخارجية‭ ‬للوزارة‭ ‬سواء‭ ‬المديريات‭ ‬الإقليمية‭ ‬أو‭ ‬الأكاديميات‭ ‬الجهوية‭ ‬للتربية‭ ‬والتكوين‭ ‬ومع‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬كان‭ ‬يتوقع‭ ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬وهذا‭ ‬النفس‭ ‬الطويل‭ ‬الذي‭ ‬سيأتي‭ ‬بالنتائج‭ ‬المتوخاة‭ ‬منه‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬لذلك‭ ‬فعلى‭ ‬الوزارة‭ ‬أن‭ ‬تهزم‭ ‬الصمت‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ “‬فتدارك‭ ‬الأخطاء‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬عليها‭”.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى